الثلاثاء 3 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 5 نوفمبر 2024 م
حين تقود أمريكا... يكون الدمار
الكاتب : كاظم عايش
الأربعاء 21 ذو الحجة 1435 هـ الموافق 15 أكتوبر 2014 م
عدد الزيارات : 3034

 

حين تقود أمريكا... يكون الدمار 

 

ما يجري في العالم العربي والإسلامي من حروب وقتل ودمار، تتحمل أمريكا مسؤوليته، لأنها الدولة التي تملك أوراق اللعبة الدولية دون سواها، فمنذ أن انهار الاتحاد السوفياتي لم يعد هنالك سوى لاعب واحد على الساحة الدولية، وهو اللاعب الأمريكي، الكاوبوي، الذي استباح لنفسه إبادة الهنود الحمر أصحاب الحق والأرض ليقيم كيانه على أنقاضهم متذرعاً بالتقدم والحرية والديمقراطية، وهو الذي ينظر إلى العالم كساحة يريد أن يجتني منها ما يمكنه من الفوائد دون أي اعتبارات حقوقية أو أخلاقية، وتتذرع أمريكا بقائمة طويلة من الأسماء والعناوين التي تبرر لها ما تفعله، من مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والأمن والسلم الدوليين، والمصالح العليا للشعب الأمريكي وأمن الدول المتقدمة والديمقراطية، ذلك الشريك الذليل التابع لأمريكا الذي اقتات على العظام التي تلقيها له بين فترة وأخرى.
الخطر الوحيد الذي رشحته أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، هو الإسلام، وبالطبع ليس هو الإسلام المتطرف الذي تمثله القاعدة وداعش وأخواتها.
فهذه الحركات المتطرفة تم صناعة الكثير من مكوناتها في أجهزة المخابرات العالمية والعربية لتبرير الحرب على الإسلام، ولتشويه صورته بالكلية، ولجعل الناس ينفضّون عنه، وما جرى في سوريا ومصر والسعودية واليمن والعراق وغيرها بطريقة أو بأخرى يثبت صحة ما ذهبنا إليه، فالمستهدف هو الإسلام الوسطي والمعتدل والسلمي الذي يسعى للمشاركة وبناء حياة تسودها قيم الحرية والعدل والمساواة والتفاهم بين شعوب الأرض.
ومن خلال الأدوات الديمقراطية التي تعارف عليها الناس وشعوب العالم، ولما كانت هذه الأدوات ستأتي بالإسلاميين المعتدلين، فكان لا بد أن تتحرك أمريكا وحلفاؤها من خلال عمل الثورات المضادة واللجوء إلى العنف لإبعاد التيار الإسلامي الحضاري عن الوجود والشهود، لأنه الخطر الحقيقي الذي يتهدد قيم الرأسمالية الغربية والمطامع الاستعمارية في خيرات الشعوب ومقدراتها، ويجعلها تفكر بالتطوير والاستقلال الحقيقي والسيادة الفعلية على أرضها ومقدراتها.
 
وهذا هو آخر ما ستسمح به أمريكا وحلفاؤها، لأن ذلك يعني انتهاء عصر السيادة الغربية في المنطقة والعالم، لأن الاسلام هو الذي يشكل البديل الحضاري لقيم الغرب التي لا تؤمن بالحرية والعدالة إلا لشعوبها والمنتسبين إليها دون سواهم، وهذا ما أثبتته الأحداث على مدار قرن من الزمان، ولو أردنا أن نفرد لهذا الموضوع بحثاً لاحتاج إلى مجلدات من الأدلة الدامغة على صحة ما نقول.
ما جرى في اليمن مؤخراً وما يجري منذ مدة على الساحة السورية والعراقية والمصرية والليبية والمحاولات التي لم تتوقف في تونس وغيرها يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا تقف وراء ذلك كله، وتلعب بالنار، وتستخدم الفوضى الخلاقة لتحقق أهدافها في الوصول إلى ما تريد، وهي بالرغم من شعورها بخطورة ما تقوم به، وتوقعها أنها يمكن أن تفقد السيطرة على نتاجات ما تخطط له، إلا أن الحقد الأعمى على الإسلام والعرب (بتوجيه صهيوني واضح)، لا يزال يجعلها غير قادرة على رؤية المشهد النهائي الذي قد تصل إليه الأمور، وأمريكا وهي تدير ماكينة الفوضى وترتكب الجرائم وتتجاوز على القيم والأخلاق وما تعارف عليه البشر، تكون قد وقعت في المحظور، فمن هو الذي يضمن سير الأمور لصالحها، وماذا لو اكتشفت بعض القوى الدولية والمحلية أن ما يجري هو تدمير لكل ما توصلت إليه البشرية وأنه لا يصب في مصلحتها، حتى من قبل القوى التي لا تؤمن بدين ولا تنتمي إلى عقيدة، وماذا لو تشكل تحالف جديد لوقف هذه الجرائم وإعادة الأمور إلى نصابها، أين سيكون وضع أمريكا وقتئذ، حين يحمّلها الناس مسؤولية جرى ويجري؟
 
أمريكا بعدائها للإسلام والمسلمين، وحرصها الزائد على مصالحها الموهومة، وانصياعها لحفنة من الصهاينة الحاقدين على البشرية كلها، ستورد نفسها والعالم إلى الهلاك، فالسلوك الأمريكي المتصهين هو سلوك متطرف بشدة، ولا يسعى إلى الإقرار بحقوق الشعوب الإسلامية والعربية وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني الذي اعترف العالم به، وهي بسكوتها على الظلم ومشايعتها سراً وعلناً للأنظمة الفاسدة والمستبدة ستخسر كل شيء، ستخسر سمعتها،
ومصالحها، ووجودها في العالم، وسيلاحقها ذلك إلى داخلها حين تنعكس هذه الأزمات الطاحنة إلى مجتمعها الهش واقتصادها الزائف الذي قام على السمعة والقوة الظالمة، والمهدد بالانهيار عند أول منعطف حقيقي مؤثر في العالم.
أمريكا تقودنا وتقود نفسها إلى الهاوية، فالحياة والدول والمجتمعات تقوم على الحق والعدل والميزان، ودولة الظلم والبغي والفساد والعدوان وإن عاشت زمناً، فإنها سرعان ما تنهزم وتزول، هذه سنه الله في الخلق منذ أن وُجد الإنسان على وجه هذه الأرض.
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) صدق الله وكذبت أمريكا ودعاياتها وأبواقها، وكل عملائها الذين يظنون أنها قادرة على حمايتهم، فهي كالشيطان، وستكون أول من يتبرأ منهم ويتخلى عنهم، فهل يعقل أو يفهم عملاء أمريكا ما ينتظرهم قبل فوات الأوان، أم يبقوا في غيهم يعمهون وفي ضلالهم سادرون؟! اللهم فاشهد..