السؤال: إذا أعطى شخص الأمانَ لأحد جنود النظام أو شبيحته: فهل يجوز لبقية أفراد الكتيبة قتله؟ وما الذي يترتب عليه إن قتله؟
__________________________________________________
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله:
أولاً: إذا أعطى المسلمُ الأمانَ لأحد جنود النظام فقد حرُم بذلك دمه وماله على جميع المسلمين، ولا يجوز لأحد التعرض له بأي أذى، قال تعالى: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91].
ولا يُتصور من مجاهد نذر نفسه لإعلاء كلمة الله أن يخفر أو ينقض أماناً مع ما جاء فيه من الوعيد الشديد، كما في الصحيحين: (من أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ).
ثانياً: إذا قام أحد أفراد الكتيبة بقتل هذا المستأمن على سبيل الخطأ أو لعدم علمه بالأمان، فلا إثم عليه، وتلزمه الكفارة وهي صوم شهرين متتابعين، والدية في مال عاقلته تُدفع لأهله إن لم يكونوا من أنصار النظام؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [النساء: 92].
قال ابن عبد البر - رحمه الله - في "الكافي": "ومن قتل كافرا بعد الأمان لزمته ديته".
وأما إن كان أهله من أنصار النظام، فلا يلزمه إلا الكفارة، ولا تدفع لهم الدية؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92].
قال ابن القيم _رحمه الله_ في "أحكام أهل الذمة": "وإن كان من قوم عدو للمسلمين فلا دية له؛ لأن أهله عدو للمسلمين وليسوا بمعاهدين، فلا يُعطون ديته".
والحكمة في ذلك: ألا يَتَقَوَّوا بالمال على حربنا.
ثالثاً: وأما إن قتله عامداً مع علمه بالأمان الذي أُعطي له، فقد ارتكب كبيرةً من كبائر الذنوب، ولحقه الوعيد الشديد لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) رواه البخاري.
ويجب في ذلك الكفارة والدية، إضافةً إلى تعزيره بما يناسب من العقوبة على اقترافه للقتل، ويسقط القصاص في هذه الحال لوجود الشبهة في إباحة دمه لسابق حرابته للمسلمين.
رابعاً: وأما الاعتداء على أموال الـمُستأمَن فيلزم ردها له، وضمان ما تلف منها بالمثل أو القيمة عند التعذُّر.
قال في "السير الكبير": "وفيه دليل أن المسلمين إذا أصابوا شيئاً مما كان في أمان أو مُوادعة فإنه يُؤدَّى لهم كل شيء أصيب لهم من دم أو مال".
وختامًا: ننصح إخواننا المجاهدين بعدم التسرع في إعطاء الأمان إلا لمصلحة مُتحقِّقة، وأن يبتعدوا عن حظ النفس في إطلاق الأمان لمن لا يستحق إلا بعد التأكد من رغبته بالتوبة، أو سماع الخير منهم، أو رغبته بكف يده عن القتال، أو الانضمام لصف المجاهدين، فلمثل هذه المصالح شرع الأمان.
نسأل الله أن يوفِّق إخواننا المجاهدين للتمسُّك بأحكام ديننا الحنيف، وأن يصلح شؤونهم. ويتقبل شهداءنا، ويشاف جرحانا، وينصرنا على القوم المجرمين.
كما ننبه بأنه قد صدرت لنا فتوى في معنى الأمان، و كيفية عقده، وممن يُقبل. ومن أراد الاستزادة فليرجع لها (حكم إعطاء الأمان للشبيحة وجنود النظام)
كما ذكرنا تفاصيل عددٍ من أحكام الأمان في كتابنا (شرح ميثاق المقاومة) ،
ويمكن الرجوع لمبحث الأمان مباشرة في النسخة الإلكترونية ( من هنا ).
الأخ عدنان وجوب الكفارة في هذه الحالة هو قول جمهور الفقهاء رحمهم الله تعالى. قال ابن قدامة : " وَتَجِبُ [ أي الكفارة ] بِقَتْلِ الْكَافِرِ الْمَضْمُونِ، سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا. وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَمَالِكٌ: لَا كَفَّارَةَ فِيهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. فَمَفْهُومُهُ أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِ الْمُؤْمِنِ. وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وَالذِّمِّيُّ لَهُ مِيثَاقٌ، وَهَذَا مَنْطُوقٌ يُقَدَّمُ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَقْتُولٌ ظُلْمًا، فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ، كَالْمُسْلِمِ". المغني (8/ 513). وقال ابن كثير: " فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوْلِيَاؤُهُ أَهْلَ ذِمَّةٍ أَوْ هُدْنَةٍ، فَلَهُمْ دِيَةُ قَتِيلِهِمْ... وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْقَاتِلِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ". وفيما يلي كامل كلام القرطبي رحمه الله: (قوله تعالى: (وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) هذا في الذمي والمعاهد يقتل خطأ فتجب الدية والكفارة، قاله ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي. واختاره الطبري قال: إلا أن الله سبحانه وتعالى أبهمه ولم يقل وهو مؤمن، كما قال في القتيل من المؤمنين ومن أهل الحرب. وإطلاقه ما قيد قبل يدل على أنه خلافه. وقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم أيضا: المعنى وإن كان المقتول خطأ مؤمنا من قوم معاهدين لكم فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم، فكفارته التحرير وأداء الدية. وقرأها الحسن: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن). قال الحسن: إذا قتل المسلم الذمي فلا كفارة عليه.....).الأخ عدنان وجوب الكفارة في هذه الحالة هو قول جمهور الفقهاء رحمهم الله تعالى. قال ابن قدامة : " وَتَجِبُ [ أي الكفارة ] بِقَتْلِ الْكَافِرِ الْمَضْمُونِ، سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا. وَبِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَمَالِكٌ: لَا كَفَّارَةَ فِيهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. فَمَفْهُومُهُ أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِي غَيْرِ الْمُؤْمِنِ. وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وَالذِّمِّيُّ لَهُ مِيثَاقٌ، وَهَذَا مَنْطُوقٌ يُقَدَّمُ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مَقْتُولٌ ظُلْمًا، فَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِهِ، كَالْمُسْلِمِ". المغني (8/ 513). وقال ابن كثير: " فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوْلِيَاؤُهُ أَهْلَ ذِمَّةٍ أَوْ هُدْنَةٍ، فَلَهُمْ دِيَةُ قَتِيلِهِمْ... وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْقَاتِلِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ". وفيما يلي كامل كلام القرطبي رحمه الله: (قوله تعالى: (وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) هذا في الذمي والمعاهد يقتل خطأ فتجب الدية والكفارة، قاله ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي. واختاره الطبري قال: إلا أن الله سبحانه وتعالى أبهمه ولم يقل وهو مؤمن، كما قال في القتيل من المؤمنين ومن أهل الحرب. وإطلاقه ما قيد قبل يدل على أنه خلافه. وقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم أيضا: المعنى وإن كان المقتول خطأ مؤمنا من قوم معاهدين لكم فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم، فكفارته التحرير وأداء الدية. وقرأها الحسن: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن). قال الحسن: إذا قتل المسلم الذمي فلا كفارة عليه.....).