نفذته هيئة الشام الإسلامية بدعم من مؤسسة الشيخ عيد آل ثاني
لبنان: مجمع الأبرار.. محطة النقاهة والرعاية المتكاملة لجرحى ثورة الكرامة
ضمن مشاريعها العديدة والمتنوعة في دعم الشعب السوري الصابر، حرصت هيئة الشام الإسلامية على مد يد العون للجرحى السوريين ممن وقعوا ضحايا العصابة الأسدية التي امتدت جنازير إرهابها لتحصد الصغار قبل الكبار، والنساء قبل الرجال، والكهول قبل الشباب.
مئات الآلاف من الجرحى أصيبوا خلال السنتين الماضيتين وسط خذلان عالمي كبير، ما ضاعف الحمل على المنظمات والمؤسسات الخيرية العاملة في المجال الطبي، ومنها هيئة الشام الإسلامية، التي لم تألُ جهدا في إنشاء المشافي الميدانية في شتى المناطق السورية، ومد هذه المشافي بما تحتاجه من أدوية وأجهزة بشكل دوري.
ومن ضمن هذه الجهود المباركة، جاء (مجمع الأبرار لنقاهة الجرحى السوريين في لبنان) ليكون لبنة أساسية في مشاريع الإغاثة الطبية التي تنفذها الهيئة إلى جانب مشاريعها الأخرى: العلمية والدعوية والإعلامية والنفسية وغيرها.
هذا المشروع الهام الذي نفذته هيئة الإسلامية بدعم من مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية، وإشراف جمعية التقوى الخيرية الاسلامية،يقع في مدينة طرابلس اللبنانية، وهو يحتل مبنىً مكوناً من أربعة طوابق،ويحتل منطقة استراتيجية في المدينة، حيث يقع بالقرب من كل المشافي التي يعالج فيها الجرحى السوريون في طرابلس؛ ما يسمح بسهولة نقل الجرحى بين المشافي والمجمع.
شمولية المشروع
يمثل هذا المجمع أهمية كبيرة في رعاية الجرحى السوريين الذين أصيبوا خلال الثورة السورية الباسلة ضد الطغيان الأسدي المجرم؛ فهو ملائم لقضاء مرحلة نقاهتهم، ويخفف –كذلك- من وجودهم في المشافي لغير داع طبي؛ ما يخفف من تكاليف علاجهم، ويقلل من إمكانية إصابتهم بالتهابات جديدة في جروحهم من جراثيم المشافي وزوارها.
ويهدف المشروع إلى تأمين متطلبات العيش للجريح خلال مرحلة النقاهة من طعام وشراب وملبس وإقامة تليق بما قدمه من تضحيات،إضافة إلى إبقاء الجريح خلال مرحلة النقاهة تحت رعاية طبية من خلال إشراف كوادر طبية تتابع وضع الإصابة، وتشرف على تقييمها وتنسق مع أطباء الجرحى في المشافي لإتمام مراحل العلاج على أتم وجه. كما يتم في المجمع تقديم العلاج الفيزيائي المطلوب للجريح خلال مرحلة النقاهة.
ولأن المشروع يعمل على تقديم رعاية متكاملة للجرحى، فقد حرص القائمون عليه على توفير الدعم النفسي للجريح خلال مرحلة النقاهة من خلال سلسلة نشاطات دينية واجتماعية وعلمية تجعله يشعر أنه مازال فاعلا وقادرا على عمل الكثير رغم إصابته، كما تُبقيه على احتكاك مستمر مع مجتمعه وأحداث ثورته التي شارك بها في سوريا.
ومن خلال هذه الخدمات الشاملة التي يقدمها لضيوفه الأبطال، يمثل مجمع الأبرار مشروعاً حضارياً رائداً، ويقدم صورة مشرفة عن شعبنا السوري الأبي.
مبنى متكامل
من مميزات مبنى المشروع أنه يقدم خدمتين في آن واحد، فإضافة إلى خدمة الجرحى السوريين ورعايتهم، فإن المبنى مملوك لصالح الأيتام اللبنانيين، حيث تستفيد الجهة الداعمة من مبلغ الإيجار في تجهيز المبنى مستقبلا لأولئك الأيتام لتقوم بمهمتها على خير وجه.
يتكون المبنى من أربعة طوابق وهو يستوعب 100 جريح، يقيمون في 24 غرفة في كل وحدة منها أربعة أسرّة، وقد استقبل المجمع منذ انطلاقته في 30/6/2012 وحتى الآن 175 جريحاً خرج منهم 100 جريح بعد أن تلقوا الرعاية الكاملة والتأهيل المناسب.
ويحتوي هذا المبنى على كل ما من شأنه مساعدة الجرحى في العبور إلى حالة التعافي الكامل –بإذن الله- فهناك غرفة مركزية لتبديل الضمادات، وأخرى للعلاج الفيزيائي، وغرفة ثالثة للدعم النفسي والنشاطات، يأتي ذلك إضافة إلى مرافق أخرى تساعد الجرحى في ممارسة حياتهم الطبيعية كغرفة للغسيل، وقاعة للطعام، ومطبخ، إضافة إلى استراحة يستقبل فيها الجرحى زوارهم وهي تحتوي على جميع الأغراض المطلوبة للضيافة؛ لتكون مريحة للجرحى وضيوفهم مع تأمين الخصوصية المطلوبة لهم.
وحرصت إدارة المجمع على توفير وسائل التواصل بالعالم الخارجي للجرحى المقيمين في المبنى، حيث وفرت لهم شبكة إنترنت على مدار اليوم ليتواصلوا مع أحبائهم وذويهم سواء في الداخل السوري أو خارجه.
خدمات تليق بالأبطال
يقدم المجمع للجرحى يومياً ما يلزمهم من خدمات طبية، إذ يتم تغيير الضمادات تبعا لتوصيات الأطباء، وتقديم العلاج الفيزيائي المطلوب للجرحى من قبل أخصائي العلاج الفيزيائي في المجمع، كما يتم تقديم الأدوية المطلوبة للجرحى بكل أنواعها، إضافة متابعة الوضع الصحي للمرضى يوميا، وتأمين اجراء العمليات الجراحية اللازمة لكل جرحى المجمع ولبعض الجرحى الذين يسكنون خارج المجمع من خلال صندوق الجرحى التابع للمكتب الطبي للهيئة والذي تدعمه –مشكورة- أيضا مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية.
ويقوم المجمع كذلك بتأمين تركيب الأطراف الصناعية لإصابات البتر من خلال التنسيق مع الصليب الأحمر الدولي للأطراف العلوية، وجمعية الإرشاد والإصلاح للأطراف السفلية، كما يتم تقديم العلاج الفيزيائي في المجمع مجانا لبعض الجرحى المقيمين مع أسرهم خارج المجمع.
ولا يقتصر دور المجمع على تقديم الرعاية الطبية فقط، فهو يقوم أيضا بتنفيذ أنشطة متنوعة في دعم ضيوفه من جميع النواحي الدينية والعلمية والطبية والنفسية والاجتماعية.
ففي الجانب الديني: يحضر الجرحى صلاة الجمعة في المسجد القريب من المجمع، كما تُقام صلاة قيام الليل في شهر رمضان المبارك، وأقامت إدارة المجمع عدة دروس دينية متنوعة منها تعليم قراءة القرآن الكريم، إضافة إلى توزيع المصاحف وبعض الكتب الدينية، وأنشطة أخرى متنوعة.
وحضر الجرحى كذلك عدة محاضرات ودورات وجلسات هدفت إلى دعمهم نفسيا واجتماعيا وتثقيفهم طبياً، كما تمت إقامة عدة دورات وزيارات للعاملين في المجمع كلٌّ حسب تخصصه.
وبناء على توصيات الطبيب النفسي في المجمع، تم توفير عدة خدمات ترفيهية للضيوف الكرام، إضافة إلى إقامة دورات في تعليم اللغة الإنجليزية، وإشراكهم بالمقابلات التلفزيونية والتقارير الصحفية؛كي يستمر دورهم الفاعل في الثورة وفي المجتمع.
وقف المجمع على قدميه مبكراً- بفضل الله - العمل فيه لا يتوقف، والأنشطة تتوالى، لكن هذا لا يعني نهاية الطريق، فإدارة المجمع تؤكد أن التطوير مستمر، وأن أفكاراً جديدة هادفة في طريقها إلى التنفيذ، وسيبقى نهج (التطوير) ركناً أساسياً في سياسة الإدارة.
http://www.islamicsham.org