زكاة الفطر مع تغير الأسعار واضطراب العملة
الكاتب : المكتب العلمي ـ هيئة الشام الإسلامية
الخميس 25 يوليو 2013 م
عدد الزيارات : 61403

السؤال:

كيف نخرج زكاة الفطر لهذا العام مع التغير الكبير في أسعار السلع والتذبذب في سعر صرف الليرة السورية؟ وندرة الأطعمة؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنَّ زكاة الفطر فريضة على كل فرد من المسلمين، والأصل أن تؤدى طعامًا من قوت البلد، سواء غلا ثمنه أو رخص، وبيان ذلك كما يلي:

أولاً: زكاة الفطر فريضة على كل مسلم، صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، سواء صام أم لم يصم لعذرٍ من الأعذار، يخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته كالزوجة والولد، صاعًا من طعامٍ عن كل شخص، إذا كان يملك زيادة على قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته.

فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) متفق عليه. والصَّاع: مقدار للكيل يساوي (2.5) كيلو غرامًا تقريبًا.
وتُخرج مما يقتاته الناس من الطعام، كالأرز، والبرغل، والذرة، والتمر، والزبيب، والشعير، واللحوم، والأجبان، ونحو ذلك، ولو من الأطعمة المعلَّبة، أو ما يتوفر في اﻷسواق وقت وجوب الزكاة من اﻷغذية النافعة للناس،  قال ابن القيم _رحمه الله_ في "إعلام الموقعين": "وهذه كانت غالبَ أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب. فإن كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك: أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنًا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره؛ إذ المقصود سَدُّ خُلَّةِ المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم".

وإن كان إخراج الطعام المطبوخ أنفع للفقراء فيجوز إخراجه مطبوخًا، قال ابن القيم -رحمه الله- في "إعلام الموقعين": "فإذا كان أهل بلد أو محلة عادتهم اتخاذ الأطعمة يوم العيد جاز لهم بل يشرع لهم أن يواسوا المساكين من أطعمتهم فهذا محتمل يسوغ القول به والله أعلم".

ويمكن الاستزادة من أحكام زكاة الفطر ووقت إخراجها بالرجوع إلى فتوى (أحكام زكاة الفطر) 
ثانيًا: الأصل أن تُؤدَّى زكاة الفطر طعامًا من قوت البلد، كما دلت عليه النصوص الشرعية، وعمل به الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده، وهو مذهب جمهور الفقهاء.

وعليه فلا أثر لغلاء الأسعار أو انخفاضها في إخراج زكاة الفطر؛ إذ الواجب إخراج صاعٍ من الطعام عن كل فرد، سواء انخفض ثمنه أو غلاـ، ، ما دام الشخص مالكاً ما يزيد على قوته وقوت عياله.

ثالثًا: يجوز للجمعيات الخيرية والموكلين بإخراج الزكاة عن غيرهم ونحوهم: جمع زكاة الفطر نقدًا _ولو قبل العيد بأيام أو أسابيع_ ثم شراء الطعام، وتوزيعه على المستحقين في الوقت المشروع ﻹخراج الزكاة.
ويكون تقدير سعر صاع الطعام وقت جمع الزكاة،  مع الاحتياط بزيادة المقدار نظرا لتذبذب العملة، أو يكون تقدير ثمنها بالعملات المستقرة.

رابعًا: ما حل بسورية من أزمةٍ وحاجةٍ وحصارٍ، واتجاه الهيئات الإغاثية لتوفير السلال الغذائية في المقام الأول، يزيد القناعة بأنَّ حاجة الفقير للطعام أشدُّ من حاجته للمال.

فإن الطعام الذي يأخذه الفقير لا يتأثر بارتفاع الأسعار، وتتحقق له به الكفاية من الطعام خلال أيام العيد مهما غلا ثمنه، وهو مقصود الشرع من زكاة الفطر، بخلاف من أخذ الزكاة نقداً فقد لا يكفيه لشراء ما يحتاجه من طعام في ظل الارتفاع المتزايد للأسعار، أو لا يستطيع الحصول عليه في ظروف الحصار.

كما أنَّ القائلين بجواز إخراج الزكاة نقدًا يرون أنَّ الأولى إخراجها من الطعام في أوقات الأزمات، قال الإمام الطحطاوي الحنفي –رحمه الله- في "الحاشية على مراقي الفلاح": "وإن كان زمن شدة فالحنطة والشعير وما يؤكل أفضل من الدراهم".

نسأل الله سبحانه أن يُمكِّن لأولياء في بلاد الشام، وأن نرى فيها عيدًا مُمكنًا فيه لأهل الصلاح والطاعة، وذلةً لأهل الفجور والمعصية والطغيان.


http://www.islamicsham.org