الخميس 18 رمضان 1445 هـ الموافق 28 مارس 2024 م
هيئة الشام الإسلامية تنظم المؤتمر الأول للاستجابة الإنمائية في سوريا
السبت 1 محرّم 1436 هـ الموافق 25 أكتوبر 2014 م
عدد الزيارات : 3665

هيئة الشام الإسلامية تنظم المؤتمر الأول للاستجابة الإنمائية في سوريا

 

"العمل التنموي .. حياة الإنسان والأرض"

 

 

تحت هذا الشعار - وبخطوة رائدة هي الأولى من نوعها - نظمت هيئة الشام الإسلامية "المؤتمر الأول للاستجابة الإنمائية في سوريا" ، في مدينة اسطنبول بتركيا ، يوم السبت - غرة المحرم من عام 1436 هـ ، الموافق 25 أكتوبر/ تشرين أول 2014.

 

تأتي فكرة هذا المؤتمر بعد أن طال أمد المِحنة في البلاد، وازدادت أعداد اللاجئين والنازحين السوريين ، لتصل حتى الآن إلى حوالي 12 اثني عشر مليون نسمة، إلى جانب دمار غير مسبوق للمدن والحواضر السورية .. الأمر الذي تعتبر معه الجهود الإغاثية العادية شكلاً من أشكال الأدوية المهدئة لأمراض مزمنة مستعصية.

لذا أضحت "الاستجابة الإنمائية" الحلَّ الأمثل لتخفيف معاناة المتضررين، واستثمار مستدام يؤمّن فرصَ عمل للمستهدفين، ويساهم في خلق جو من التأقلم مع الكوارث طويلة الأمد، محققاً الهدي النبوي في الأكل من كسب اليد.

ويهدف المؤتمر إلى:

  •  نشر ثقافة العمل التنموي لدى المجتمع مما يمكّنه من الإنتاج في ظل الأزمة التي يعيشها.
  •  إبراز أهمية العمل التنموي وثمرته على الفرد والمجتمع.
  •  طرح نماذج لمشاريع الاستجابة الإنمائية الممكنة في سوريا.
  •  تعزيز فكرة نقل المستفيد من ثقافة الاستهلاك إلى الإنتاج لدى المنظمات الإنسانية العاملة في الشأن السوري الإنساني.
  •  تبادل الخبرات بين المنظمات المهتمة بالعمل التنموي في مناطق الكوارث والحروب.

 

حضر المؤتمر أكثرُ من مائة وعشرين شخصية من الخبراء وممثلي المنظمات والهيئات الإنسانية المحلية والإقليمية والدولية ذات الخبرة في المجال التنموي.

وتضمّن مشاركات لعدد من ممثلي هذه المنظمات، إضافة إلى أوراق عمل قدّمها عدد من المتخصصين بالعمل التنموي.

افتتح المؤتمر الأمين العام لهيئة الشام الإسلامية د. مجاهد مخللاتي، وتحدث في كلمته عن فكرة المؤتمر، وانطلاقة هيئة الشام الإسلامية في العمل التنموي، وشعورها بأهمية تبني فكرة الاستجابة الإنمائية من قِبَل المنظمات الإنسانية والخيرية العاملة في الحقل السوري، مما حداها بدعوة أهل الخبرة والاختصاص للتناقش حول هذا الموضوع وتبادل الخبرات ولفت الأنظار للاهتمام بالاستجابة الإنمائية .

كما أشاد د. مخللاتي بصمود الشعب السوري لأكثر من ثلاث سنوات، ولفَت الأنظار إلى ازدياد معاناته، الأمر الذي يستوجب تغيير استراتيجية دعمه ومؤازرته، وأهمية قناعة المنظمات الخيرية المنفذة والمانحة بأهمية تبني مشاريع عملية تحقق الاستدامة بطرق جماعية مؤسسية تدعم صمود الشعب وتسهم في نهوضه.

 

كما تحدث في الافتتاحية ممثلوا الجهات الراعية للمؤتمر عن أهمية العمل التنموي وتبني منظماتهم له، واهتمامها بتمويل مشاريعه ودعمها.

حيث رأَس وفد الراعي الماسي للمؤتمر مؤسسة قطر الخيرية، الشيخ عبد الله السادة مدير برنامج الأمن الغذائي، ورأَس وفد الراعي الذهبي للمؤتمر مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية ـ راف، مدير عام المؤسسة الدكتور عايض القحطاني. في حين رأَس وفد الراعي الفضي للمؤتمر جمعية الشيخ فهد الأحمد الإنسانية، مدير عام الجمعية الدكتور هاشم الهاشمي.  

 

بعد ذلك بدأت الجلسة الأولى للمؤتمر، رأَسها المهندس منير زهرا – رئيس المجلس التنفيذي لهيئة الشام الإسلامية،وقُدّمت فيها أربع أوراق عمل:

ـ  ورقتان بعنوان (مدخل لديناميات الإغاثي والنهوضي) و ( وآلية التحول من الإغاثي إلى النهوضي). د. عبد الحليم زيدان – مدير معهد برامج التنمية الحضارية.

ـ الانتقال من الإغاثة إلى التنمية بين الواقع والمأمول. أ. عبد ربي بن صحرا – مدير التخطيط والتعاون الدولي في مؤسسة قطر الخيرية.

ـ التمكين الاقتصادي والإنعاش المبكر في مناطق الأزمات. أ. باسم دودين ( مدير برنامج التمكين الاقتصادي التابع للبنك الإسلامي والأمم المتحدة )

وقد بدأ د. عبد الحليم زيدان ورقته بتساؤلات حول العمل الإغاثي وإيجابياته وسلبياته، تفتح الأذهان حول أهمية الانتقال من العمل الإغاثي إلى النهوضي، وسلبيات وإيجابيات كل منهما. ثم قام بعرض مصفوفة توجيهية لتحديد موضع الأعمال المدنية، وآليات التحول والنماذج التطبيقية ومراحلها.

في حين تحدث  أ. عبد ربي بن صحراء عن أهمية وجود مقاربة جديدة في العمل الإنساني في سوريا تهدف إلى نقل الضحايا من حالة الاعتماد على المساعدات الخارجية إلى حالة الاعتماد على الذات. وتطرق في ورقته إلى جملة من القضايا ذات الصلة بهذه المقاربة، مثل: إمكانية الانتقال للعمل التنموي في ظل الحرب، والتجارب المماثلة السابقة للاستفادة منها في حالة الأزمة السورية، والمعايير والمقومات التي قامت عليها هذه التجارب، وخصوصيات الحالة السورية التي قد تؤثر على هذه المقاربة سلباً أو إيجاباً، وإلى أي مدى يمكن الحد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية، وما هي المتطلبات التي تستدعيها تبنّي مقاربة الاعتماد على الذات في ظل ظروف الأزمة السورية. في محاولة لاستكشاف فرص وآفاق جديدة لمساعدة الشعب السوري على العيش بكرامة واستنهاض كل قدراته لأجل ذلك. 

أما الأستاذ باسم دودين،فقد تحدث عن الإنعاش المبكر في ظل الأزمات ، وعرّفه بأنه:عملية متكاملة ذات منهجية واضحة تهدف إلى تقليل المساعدات الإنسانية التي لا يمكن استمرارها، في مقابل زيادة العمل التنموي على مشاريع مستدامة، بحيث يتم نقل الأسر المستهدفة من متلقّين للمساعدات الإنسانية إلى أُسر منتجة.

وشرح طريقة عمل البرنامج وأهدافه ومخرجاته الرئيسية التي تساهم في وضع الأسس للصمود والانتعاش على المدى الطويل في أقرب وقت ممكن بعد وقوع الكارثة أو الأزمة.

 

أما الجلسة الثانية للمؤتمر، فقد رأَسها المهندس رياض الحسن  ـ وقُدّمت فيها أربع أوراق عمل:

 

وقد تطرق أ. محمد طاهر الدروبي في ورقته إلى أهمية المشاريع التنموية في سوريا وعينة من المشاريع التي نفذتها الهيئة على أرض الواقع ، ومقارنة ثمرتها وأعداد المستفيدين منها بالمشاريع الإغاثية. كما تحدث عن فكرة الصندوق التنموي التابع للمكتب الإغاثي لهيئة الشام الإسلامية، ومعايير اختيار شركاء العمل التنموي وضوابط الرقابة والمتابعة والتقييم.

 أما الدكتور عبد الله آل سيف فقد تحدث في ورقته عن نماذج من الأنشطة الخيرية والتعاونية، وتطرق لأمثلة من مجالات التكافل وتمويل مشروعات التنمية المجتمعية.

 في حين عرض د. جلال الدين خانجي نماذج لتجارب دولية في إقامة وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومقترحات لسيناريوهات محتملة لتعاون قوى الثورة والمعارضة السورية وإداراتها المحلية مع المؤسسات الدولية لتنفيذ برامج لتمويل المشاريع بالغة الصغر في الظروف الراهنة الانتقالية, وفي المستقبل، بهدف تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان ثم إنعاش البلاد والإسهام في إعادة بناء وإقلاع الاقتصاد الوطني في سوريا الحرة.

 وخُتمت الجلسة بورقة أ. رياض العبيد ، الذي عرّف بتجربة مشروع "سند" الذي يعتمد على: "تمويل مشاريع ذاتية، مدرّة للدخل، لكل من يرغب بالعمل والإنتاج من اللاجئين السوريين، بمبالغ متناهية في الصغر، بغير كفالات تقليدية"؛ وتحدّث عن نتائج المشروع بالأرقام وأثره على المستفيدين منه، وآفاقه وخطته المستقبلية في استهداف اللاجئين في شمال سوريا وتركيا والأردن.

 

وفي ختام كل جلسة ناقش الحضور أوراق العمل المطروحة، ووجهوا الأسئلة والاستفسارات لأصحاب الأوراق، ساهمت في بلورة الرؤى لعمل تنموي ناضج في سوريا.

 

واختتمت فعاليات المؤتمر بجلسة ختامية قدّم فيها أ. محمد أدردور – مدير إدارة التأهب والاستجابة للكوارث - عرضاً لجهود وتجارب مؤسسة قطر الخيرية في المجال التنموي ، ثم قدّم المهندس أسامة الناصر ـ مدير المكتب الإغاثي لهيئة الشام الإسلامية ـ عرضاً لمنجزات هيئة الشام الإسلامية  في العمل التنموي وخطة المشاريع التنموية المستقبلية التي وضعتها الهيئة.

 

كما أعلنَ عددٌ من المؤسسات المشاركة في المؤتمرعن مساهمات لدعم المشاريع التنموية في سوريا، جاءت على النحو التالي:

  •  مساهمة بقيمة خمسة ملايين ريال قطري من جمعية قطر الخيرية ـ الراعي الماسي للمؤتمر.
  •  مساهمة بقيمة مليون ونصف دولار من مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات  الإنسانية – راف ، الرعي الذهبي للمؤتمر.
  •  مساهمة بقيمة ثلاثة ملايين دولار من مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية ، تنفذ عبر شريكها الاستراتيجي هيئة الشام الإسلامية.
  •  مساهمة بقيمة مليون دولار من الهيئة العالمية للتنمية البشرية التابعة لرابطة العالم الإسلامي.
  •  مساهمة بقيمة مليون ريال من جمعية التربية الإسلامية بالبحرين.

 

وقد خرج المؤتمر ـ إضافة للإثراء في تبادل الخبرات وطرح أوراق العمل ـ بمجموعة من التوصيات التي تنقل المؤتمر من جانب القول إلى الفعل،تلاها د. مجاهد مخللاتي ـ الأمين العام لهيئة الشام الإسلامية. وهي:

  1.  التركيز على الأهداف بعيدة الأمد والبدائل المستقبلية المختلفة أثناء وضع الاستراتيجيات والخطط الإغاثية والتنموية ، ودراسة مآلاتها القريبة والبعيدة.
  2.  الحاجة إلى مزيد من الدراسات البحثية  التطبيقية للعمل التنموي  في سوريا في ظل الأوضاع الحالية.
  3.  أهمية التكامل والتنسيق بين مختلف المؤسسات بتخصصاتها التكاملية، حكومية، شبه حكومية، مستقلة، مانحة، أو وسيطة، والمنفذة في تطوير العمل التنموي.
  4.  تأسيس معاهد تنموية تهتم بنشر ثقافة العمل التنموي بشكل عام وتأهيل وبناء القدرات بشكل خاص.
  5.  توظيف النمط التعاوني بفكره ومؤسساته ومنهجيته وأدواته وأنظمته في العمل التنموي في سوريا.
  6.  الاستفادة من التجارب العالمية ذات الصلة في هذا المجال وتطويرها بما يناسب الحالة السورية.
  7.  تكثيف اللقاءات وورش العمل في هذا المجال اتجاهاً الى مؤسسات متخصصة عالمية المعايير في العمل التنموي.

 

الجدير بالذكر أن المؤتمر الأول للاستجابة الإنمائية في سوريا نال اهتمام وكالات الأنباء العالمية والمحطات الإخبارية والصحف المطبوعة والإلكترونية، والمواقع الإلكترونية وحسابات المنظمات والشخصيات المحلية والدولية على الشبكات الاجتماعية ، حيث تمت تغطية وقائعه على الهواء مباشرة وتداول أخباره أولاً بأول.

يعتبر هذا المؤتمر  خطوة أولى واثقة ووثبة محفّزة في تحويل العمل الإنساني في سوريا إلى عمل تنموي بناء، يسهم في عمارة الأرض وإحيائها، وإعادة الأمل بحياة آمنة كريمة للشعب السوري.