الثلاثاء 5 ربيع الآخر 1446 هـ الموافق 8 أكتوبر 2024 م
ما بين الســياسـة والــــعقيدة ... في سوريا
الأربعاء 12 محرّم 1433 هـ الموافق 7 ديسمبر 2011 م
عدد الزيارات : 20538

الناظر فيما يجري حوله من أحداث لا يستطيع أن يرى حركة على الواقع بلا عقيدة فكل حزب بما لديهم فرحون من عقيدة اجتمعوا عليها، سواء كان ذلك سياسيا أو عسكريا أو إعلاميا أو اقتصاديا! وكل أمّة بلا عقيدة فهي أمّة مستباحة! لكن عامة التجمعات والأحزاب تكابر أو تماكر! فتزعم البراءة من أي عقيدة بما في ذلك العلمانيون واللبراليون وغيرهم من الشيوعيين الذين أعلنوا الحرب على الدين فحاربوا العقائد السماوية! في الوقت الذي دانوا فيه لعقائد زعمائهم وأهوائهم، ويتبع هؤلاء الحركات والمنظمات النازية والصهيونية والعنصرية والفاشية وما تفرع عنها.
أما الأحزاب الدينية فإن عامتها لا ينكر ولاءه لعقيدته لكن البعض منهم لا يقر بأن عقيدته الحزبية في أحيان كثيرة تطغى على عقيدته الدينية إلى حد بعيد ربما يصل إلى حد التقاطع، ولعل هذا يتكرر في مواقف عديدة وأحيان مديدة، لكن دون أن يثير انتباه الكثير من الكتاب والمتابعين، والحال التي تؤكد تداخل السياسة بالعقيدة ظاهرة لا يمكن إخفاؤها وغالبا ما تفضح أتباعها وتظهر زيف تمسكهم بثوابتهم! ولو أخذنا مثالا على ذلك الحالة السورية الفاقعة في هذه المرحلة، لرأينا كثيرا من الفضائيات تعرض من يتظاهر أو يعلن تأييده للنظام الجاثم على صدر الشعب السوري فيقتل الشعب بكل وسائل القتل المتاحة ويهتك ويستبيح من غير أي محاسبة! ولو فتشنا في هوية هؤلاء لوجدناهم يزعمون أنهم مسلمون وربما البعض منهم من أحزاب إسلامية تدعي العمل على إعادة قيم الإسلام وضوابطه في الحياة السياسية! لكن حين تجرفهم موجات السياسة المرتبطة بالمصالح المؤقتة فسرعان ما يتخلون عن ثوابتهم ويتبعون مصالحهم الآنية! فبأي وجه يظهر من ينتمي إلى أمة السُّنة والجماعة تحت راية أعدائها؟ فهل هذا الظهور من السياسة؟ أم من العقيدة ؟ لا شك أن من يقف مع نظام طائفي صارخ في طائفيته يحارب عقيدة سماوية ويستبيح أهلها ويدنس مقدساتها، لا شك أنه جعل المصلحة هي عقيدته وتخلى عن الولاء لعقيدته الدينية! وإن لم يكن هذا الصنف الذي يظهر تحت راية النظام ا لذي يقتل على الهوية، من المنافقين ودعاة الردة والفتنة فأين يكون هؤلاء؟ وسواء كانت مواقف المؤيدين أفرادا كانوا أم أحزابا تدخل في باب التشويش على خصومهم السياسيين؛ أم في باب مصالح أخرى فإنهم في كل ذلك خرجوا على مبدأ العمل بضوابط عقيدة أهل السُّنة والجماعة، فهل يستطيع أحد من هؤلاء أن يجد قاسما دينيا واحدا مشتركا بينهم وبين الحكومة التي تستبيح سوريا، أو بين عقيدة السُّنة والجماعة وعقيدة النصيرية الباطنية؟ ولن يستطيع أحد ذلك! لتقاطع هاتين العقيدتين في الأصول والفروع والماضي والحاضر! وعلى هذا يقع التحدي لكل من يقف مع الطاغية ويزعم أنّه مسلم علماء وأفرادا وأحزاباً، بأن يأتي بدليل واحد معتبر يثبت فيه إسلام هذا السفاح الذي يستبيح سوريا ويهتك حرماتها، أو أن عقيدته تتصل بعقيدة المسلمين!! أو أن أفعاله في تدمير المساجد وقتل المصلين والهتك ونزع البسمة من وجوه الآمنين تشابه أفعال طغاة المسلمين أو حتى اليهود المتصهينين؟ فعلى أي عقيدة يقف هؤلاء المندسون الذين يبيحون الحرام ويهتكون مقدسات المسلمين؟ ويخادعون الناس ويُحرّفون الدين؟.
فأين من يعمل على نصرة المظلومين؟ والقيام بحقوق الأخوة وما تمليه الأخلاق الإنسانية من واجب على كل ذي خلق ودين؟ فليت هؤلاء ومن معهم من الصامتين يعلنون موقفهم الواضح في البراءة من هذا النظام الذي يقتل العزل من الناس ويهتك المحرمات ويزرع الفتن والخصومات! ليتهم يفعلون ذلك نجاة بأنفسهم من لعنة التاريخ والناس التي لا تدع مزيفا إلا فضحته ولا مدلسا إلى كشفته! فأين ثوابت العقيدة في نصرة المظلومين؟ وأين حقوق الأخوة والجوار يا من تزعمون أنكم من المسلمين؟ ولا زلتم صامتين في داخل سوريا وخارجها؟ أم أنّ السياسة لا دين لها ولا هوية؟ وأن المصلحة هي الدين؟ وأنّ السياسة التي تحفظ المصلحة الدنيوية هي العقيدة المتبعة عند الكثيرين؟ ولكن على الرغم من كل هذا فإن هؤلاء يعلمون أن ولاء الظالمين يترتب عليه المصير المشين؟! وأنهم على عقيدة من حاربوا النبي الأمين صلى الله عليه وسلم التي وصفها الله تعالى في قوله: (إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) فيا من أمِنت الجزاء يا من تخدم الشبيحة وسادتهم الظالمين، افعل ما شئت فإنك ميت! ويا من أحببت الطاغية الذي جعل من نفسه الفانية إله من دون الله فاسمع مصيره، قال تعالى: (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) ولا شك أن كل محبوب يُحشر مع من أحب فيا أيها العاقل أنقذ نفسك وأبرأ من الظلمة وعقيدتهم، واجعل سياستك تبعاً للعقيدة التي تقول: (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) فالعقيدة الصحيحة باقية شامخة، والسياسة ومصالحها ذاهبة بائدة، والعقيدة والسياسة لا ينفصلان، فهنيئا لمن جعل سياسته تبعا لضوابط عقيدته، ولخدمة أهله وأمته، فعاش أمينا محبوباً، ومات سعيدا مقبولا، وشتان ما بين الباقي والفاني، وما بين نصرة الأمة وحقها المهضوم وحرماتها المستباحة، وما بين نصرة الطاغية وشبيحته القتلة الذين لا يعاونهم على بغيهم إلا فاجر شرير، أو مرتد حاقد على كل ذي خلق ودين! (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).

المقالات المنشورة هي لأعضاء الهيئة، وتعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الهيئة